كيف يتكيف المحتوى مع التحولات الرقمية؟
نرمين غسان المزنة
(كاتبة محتوى)
نحن نعيش في عالم لا يتوقف عن التغيّر، فالعالم الرقمي اليوم يشبه تياراً جارفاً سريعاً متقلباً، لا ينتظر أحداً،
والمحتوى هو المَرْكب الذي نحاول أن نبحرَ به وسْط هذا التيار، فكيف نُبقيه طافياً وقوياً، قادراً على الوصول والتأثير؟ هذا السؤال بات ضرورياً لأيِّ كاتب أو صانع محتوى يسعى للبقاء والتألق.
أولاً– افهم المنصة، واصنع محتواك على قياسها:
أول ما يجب أن ندركه هو أن المحتوى ليس مجرد نص نكتبه وننشره، ولا رفاً في مكتبة أو مقالاً ينتظر قارئاً بالصدفة.
لقد أصبح المحتوى كائناً حياً يتحرك، ويتنفس، ويتفاعل، وهو اليوم يتنوع بين الفيديو والصوت والتصميم والكلمة، ولابد له من أن يتلاءم مع المنصة التي يُنشر عليها، فما يُقال على إنستغرام لا يشبه ما يُنشر على لينكدإن، وما يصلح لتويتر قد لا يلقى تفاعلاً على يوتيوب.
فلكل منصة جمهورها، وإيقاعها، وما يرغب المتابع برؤيته أو سماعه أو قراءته.
ثانياً– لا تتحدث إلى الجميع:
تحدث لمن يهمك أن يسمعك أو كما يُقال: “اختر جمهورك“، ففي خضم التحولات الرقمية، كثُرَ الصوت وقلّ الصدى، ومن ينجح هو من يعرف جمهوره.
كيف تعرف جمهورك؟
عليك أن تطرح على نفسك الأسئلة التالية:
من هو جمهوري؟
ماذا يحب أن يسمع؟
ما اللغة التي تلامسه؟
ما التحديات التي يواجهها؟
مثال تطبيقي: حسابٌ شخصيٌّ مُتخصص في التغذية حاول سابقاً استهداف الجميع برسائل عامة، وبعد تحليل بيانات المتابعين، اتضح أن أغلبهم من الأمهات العاملات، فبدأ بإنشاء محتوى مخصص لوجبات سريعة صحية تناسب وقتهم… فارتفع التفاعل بنسبة 60٪ خلال أسبوعين.
فالتخصيص ليس رفاهية، بل ضرورة.
ثالثاً– استفد من الأدوات الرقمية دون أن تفقد روحك:
التحول الرقمي ليس تهديداً للكاتب أو المبدع، عليك أن تقتنع بهذه الفكرة، وأن تطور أدواتك، فتجعل من التحول الرقمي فرصة عظيمة، لذا عليك استخدام أدوات مثل الذكاء الاصطناعي لاسيما:
- أدوات تحليل الجمهور (Google Analytics، Sprout Social).
- أدوات إنشاء المحتوى المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
- أدوات جدولة النشر مثل Buffer وHootsuite.
- لكن تذكّر: الأداة تساندك، لكنها لا تفكّر مكانك، ولا تشعر عنك.
رابعاً– راقب وتعلّم:
الاستماع جزء من الكتابة، لأن العالم الرقمي يتغير كل يوم، من لا يُتابع يتراجع، لا يكفي أن تنشر، تابع التفاعل، واقرأ التعليقات، وافهم ما يهم جمهورك فعلاً، مثلاً: هل يتفاعلون أكثر مع القصص أو المعلومات المباشرة؟
التكيّف يستدعي تغيير الشكل، وتطوير الجوهر أيضاً.
خامساً– أدخل قلبك في النص:
باختصار، كن إنساناً خلف الشاشة، شخصاً حقيقياً، يشعر، ويتفاعل، فالمحتوى الناجح لا يُشبه التعليمات أو النشرات الرسمية، يُشبه رسالة من صديق، أو حكاية صادقة تُشبه المتلقي، حاول أن تدخل تجاربك الخاصة، ونظرتك، ولحظاتك الحقيقية… فالعالم متخمٌ بالمحتوى، لكنه ما يزال جائعاً للصدق.
في الختام:
التحول الرقمي مساحة هائلة، لا ينجو فيها الأقوى فقط، بل الأذكى، والأقرب للناس، والمحتوى الذي يبقى هو ذاك الذي يُكتب ليُحس ويُعاش.
وأنت، ما رأيك؟ كيف ترى تأثير التحول الرقمي على المحتوى؟
وما أكثر نصيحة شعرت أنها تلامسك في هذا المقال؟
شاركنا رأيك، فحديثنا لا يكتمل إلا بك.