27 مايو، 2025

Uncategorized

هل المحتوى القصير هو المستقبل؟

هل المحتوى القصير هو المستقبل؟ يمنى عبدالرحمن صباهي (باحثة وكاتبة محتوى)   في زمنٍ سريع الخطى حيث تزدحم حياتنا بالمعلومات والتفاصيل أصبح التركيز على المحتوى القصير ضرورةً لا مفرَّ منها، وأثناء تصفُّحك لوسائل التواصل الاجتماعي أو قراءتك للأخبار عبر الإنترنت لا بُدَّ أنك لاحظتَ الزيادة الكبيرة في المحتوى الذي يعتمد على الإيجاز والسرعة. لماذا ينجح المحتوى القصير؟ يعود ذلك بشكلٍ جزئيٍ إلى نمط الحياة الحديث الذي يتسم بالإيقاع المتسارع، فالكثير من الناس اليوم يُفضِّلون الحصول على المعلومات بشكلٍ سريعٍ وسهلٍ؛ وهذا يجعل المحتوى القصير الخيار المثاليَّ لهم. وللتكنولوجيا دورٌ كبيرٌ في تعزيز هذا الاتجاه، فمنصات مثل إكس (تويتر سابقاً) وإنستغرام وتيك توك تعتمد على محتوى قصيرٍ جدّاً يجذب الانتباه بسرعة، فالعناوين الجذَّابة والرسوم المتحرِّكة يُمكن أن تحصد عدداً هائلاً من المشاهدات في وقتٍ قياسيٍ، وهذا يجعل العلامات التجارية والصحفيين وصنَّاع المحتوى يسعون جاهدين إلى تكييف مواهبهم وإستراتيجياتهم بما يتناسب مع رغبات الجمهور في الحصول على المعرفة بشكلٍ سريعٍ. وعلى الصعيد المعرفي، تُظهِر دراسات علم الأعصاب أن الدماغ البشري يتعامل بكفاءة أكبر مع المعلومات الموجزة، حيث تقل احتمالية التشويش أو الإرهاق الذهني الناتج عن تدفُّق كمٍّ كبيرٍ من البيانات. ومن الأسباب الأخرى التي تدعم المحتوى القصير هي الطبيعة المتغيِّرة للجمهور، فالجيل الجديد الذي نشأ في عالمٍ مليءٍ بالمحفيزات المرئيَّة والرقميِّة يميل نحو استهلاك المحتوى السريع، ومن المعروف أن هذه الفئة تسعى للترفيه والمعرفة في الوقت ذاته، وكل هذا يجعل المحتوى القصير بمثابة الخيار الأمثل لتلبية احتياجاتهم. هل انتهى عصر المحتوى الطويل؟ الإجابة: بالتأكيد لا! فهناك جمهورٌ آخر يبحث عن العمق والتحليل والتفاصيل في ميادين متعددة، مثل: الأدب والبحث العلمي، والتحليل السياسي، والدراسات الأكاديمية، والتقارير الاستقصائية، وكلها تحتاج مساحة أوسع، وسرداً أطول، وأفقاً تحليلياً أعمق. فالمحتوى الطويل والمتعمِّق يُعدُّ ضرورياً لفهم المواضيع بطريقةٍ تفصيليَّةٍ، فالأشخاص الذين يرغبون دراسة موضوعٍ ما بعمقٍ لن يكتفوا بالمحتوى السريع القصير، لأنه لا يروي ظمأهم العلمي ولا يُلبِّي شغفهم الأدبي. الطريق إلى التوازن: تكمن الحِرفيَّة في دراسة الجمهور المتلقِّي للمحتوى ومعرفة هدفه من القراءة، فعليكَ أن تعرف مَن تُخاطب قبل أن تعرف ماذا تقول، ويظهر الحلُّ في إعداد محتوى يتسم بالتوازن الدقيق ويعمل على كلا المستويين، فالمحتوى القصير يجذب الانتباه، ويوفر المحتوى الطويل سياقاً أعمق وتحليلاً أشمل، لذا سيستمر وجود كلا النوعين في المستقبل ولكن في مجالاتٍ مختلفة ولتحقيق أهدافٍ متباينة. ختاماً: المحتوى القصير ليس تهديداً للمعرفة، إنما بوابة أولى لها، والمحتوى الطويل ليس نقيضاً للحداثة، إنما بوابة للعمق. ما رأيكَ أنتَ؟  هل سيطغى المحتوى القصير على الأوساط الثقافية في المستقبل؟  وما نوع المحتوى الذي تُفضِّل قراءته؟  شاركنا رأيك ودعنا نُصغِ لما يجول في فكرك، فالمعرفة تبدأ بالحوار.

Uncategorized

كيف يتكيف المحتوى مع التحولات الرقمية؟

كيف يتكيف المحتوى مع التحولات الرقمية؟ نرمين غسان المزنة (كاتبة محتوى)   نحن نعيش في عالم لا يتوقف عن التغيّر، فالعالم الرقمي اليوم يشبه تياراً جارفاً سريعاً متقلباً، لا ينتظر أحداً، والمحتوى هو المَرْكب الذي نحاول أن نبحرَ به وسْط هذا التيار، فكيف نُبقيه طافياً وقوياً، قادراً على الوصول والتأثير؟ هذا السؤال بات ضرورياً لأيِّ كاتب أو صانع محتوى يسعى للبقاء والتألق. أولاً– افهم المنصة، واصنع محتواك على قياسها: أول ما يجب أن ندركه هو أن المحتوى ليس مجرد نص نكتبه وننشره، ولا رفاً في مكتبة أو مقالاً ينتظر قارئاً بالصدفة.  لقد أصبح المحتوى كائناً حياً يتحرك، ويتنفس، ويتفاعل، وهو اليوم يتنوع بين الفيديو والصوت والتصميم والكلمة، ولابد له من أن يتلاءم مع المنصة التي يُنشر عليها، فما يُقال على إنستغرام لا يشبه ما يُنشر على لينكدإن، وما يصلح لتويتر قد لا يلقى تفاعلاً على يوتيوب. فلكل منصة جمهورها، وإيقاعها، وما يرغب المتابع برؤيته أو سماعه أو قراءته. ثانياً– لا تتحدث إلى الجميع:  تحدث لمن يهمك أن يسمعك أو كما يُقال: “اختر جمهورك”، ففي خضم التحولات الرقمية، كثُرَ الصوت وقلّ الصدى، ومن ينجح هو من يعرف جمهوره. كيف تعرف جمهورك؟ عليك أن تطرح على نفسك الأسئلة التالية: من هو جمهوري؟ ماذا يحب أن يسمع؟ ما اللغة التي تلامسه؟ ما التحديات التي يواجهها؟ مثال تطبيقي: حسابٌ شخصيٌّ مُتخصص في التغذية حاول سابقاً استهداف الجميع برسائل عامة، وبعد تحليل بيانات المتابعين، اتضح أن أغلبهم من الأمهات العاملات، فبدأ بإنشاء محتوى مخصص لوجبات سريعة صحية تناسب وقتهم… فارتفع التفاعل بنسبة 60٪ خلال أسبوعين. فالتخصيص ليس رفاهية، بل ضرورة. ثالثاً– استفد من الأدوات الرقمية دون أن تفقد روحك:  التحول الرقمي ليس تهديداً للكاتب أو المبدع، عليك أن تقتنع بهذه الفكرة، وأن تطور أدواتك، فتجعل من التحول الرقمي فرصة عظيمة، لذا عليك استخدام أدوات مثل الذكاء الاصطناعي لاسيما: أدوات تحليل الجمهور (Google Analytics، Sprout Social). أدوات إنشاء المحتوى المدعومة بالذكاء الاصطناعي. أدوات جدولة النشر مثل Buffer وHootsuite. لكن تذكّر: الأداة تساندك، لكنها لا تفكّر مكانك، ولا تشعر عنك. رابعاً– راقب وتعلّم:  الاستماع جزء من الكتابة، لأن العالم الرقمي يتغير كل يوم، من لا يُتابع يتراجع، لا يكفي أن تنشر، تابع التفاعل، واقرأ التعليقات، وافهم ما يهم جمهورك فعلاً، مثلاً: هل يتفاعلون أكثر مع القصص أو المعلومات المباشرة؟ التكيّف يستدعي تغيير الشكل، وتطوير الجوهر أيضاً. خامساً– أدخل قلبك في النص:  باختصار، كن إنساناً خلف الشاشة، شخصاً حقيقياً، يشعر، ويتفاعل، فالمحتوى الناجح لا يُشبه التعليمات أو النشرات الرسمية، يُشبه رسالة من صديق، أو حكاية صادقة تُشبه المتلقي، حاول أن تدخل تجاربك الخاصة، ونظرتك، ولحظاتك الحقيقية… فالعالم متخمٌ بالمحتوى، لكنه ما يزال جائعاً للصدق. في الختام: التحول الرقمي مساحة هائلة، لا ينجو فيها الأقوى فقط، بل الأذكى، والأقرب للناس، والمحتوى الذي يبقى هو ذاك الذي يُكتب ليُحس ويُعاش. وأنت، ما رأيك؟ كيف ترى تأثير التحول الرقمي على المحتوى؟  وما أكثر نصيحة شعرت أنها تلامسك في هذا المقال؟ شاركنا رأيك، فحديثنا لا يكتمل إلا بك.

Uncategorized

كيف تحافظ على الإبداع في زمن السرعة والتكنولوجيا؟

كيف تحافظ على الإبداع في زمن السرعة والتكنولوجيا؟ يمنى عبدالرحمن صباهي (باحثة وكاتبة محتوى)   في عصر السرعة والانشغالات المستمرة، هل ما زال هناك متسع للإبداع؟  كيف يمكن لعقلنا أن يبدع وسط التشتت الرقمي؟  في هذا المقال، نقدم خطوات عملية تساعدك على استعادة التفكير الإبداعي وسط فوضى الحياة الحديثة. نعيش اليوم وسط ضجيج العالم الذي يترافق مع سيلٍ من الإشعارات، والأخبار العاجلة، والرسائل الجديدة، والجدول المزدحم الذي لا يترك مجالاً لالتقاط الأنفاس، وقائمة مهامٍ تطول أكثر مما تقصر، في زحام هذه الأعمال والسرعة المطلوبة لتنفيذها قد يتراجع الإبداع إلى الصفوف الخلفيَّة، ليختبئ بصمتٍ خلف الحواسيب والهواتف، ويختنق تحت وطأة الإنتاجية القصوى، لكن هل انتهى عصر الإبداع أو أننا فقط نسينا كيف نُصغي إليه؟ وكيف نمنح أنفسنا الوقت الكافي للإبداع في عالمٍ لا ينام؟ لا تعصر الإبداع.. امنحه الوقت لينمو تبدأ المشكلة حين نحاول عَصْرَ الإبداع كما نعصر الفاكهة، بسرعةٍ ودون صبر، لكن الإبداع لا يُزهر في بيئةٍ صاخبةٍ فهو يُشبه الأرض الخصبة حيث يحتاج إلى وقتٍ، وسكونٍ، وسقيٍ مستمرٍ من التأمل والقراءة والانفتاح، وتبدأ جذور الحلِّ بالنمو عند التوقف عن محاولة اللحاق بكلِّ شيءٍ، واتباع بعض الخطوات العمليَّة البسيطة، ومنها: 1- ممارسة التمهل الواعي: نعم قد يكون من الغريب في زمن السرعة أن نقول: (تمهَّل)، لكن المقصود أن تمنح ذاتك دقائق من التأمُّل، فالفكرة الجديدة تحتاج إلى وقتٍ حتى تنضج، وهذا ليس كسلاً، إنما هو علامةٌ على أن عقلك في رحلة بحثٍ واكتشاف. 2- دوِّن كلَّ فكرةٍ ولا تستصغر شيئاً: كم مرَّةً خطرت لك فكرةٌ وقلتَ عنها: (ليست مهمةً)، لتجد لاحقاً أنها كانت تستحق، حتَّى الأفكار الصغيرة، والغريبة، وغير المكتملة تستحق التدوين في زاوية مخصصَّة لها، فالإبداع لا يأتي كاملاً، إنما يتشكَّل من شظايا نلتقطها ونجمعها بطريقةٍ جديدة. 3- حارب التشتت عدوَّك الأوَّل: فالعقل المُشتَّت لا يُبدع، فكلُّ إشعارٍ، وكلُّ نقرةٍ وكلُّ تنبيهٍ يَسرق منك ثانيةً من السير على طريق التركيز والإبداع؛ لذا درِّب نفسك على إغلاق الهاتف، وإيقاف التنبيهات، وأغلق جميع أبواب الـمُشتتات، فالإبداع لا يزدهر في بيئة من التنقل المستمر بين المهام. 4- اجعل من الخطأ صديقاً لك: فالخوف من الفشل خنجرٌ مسمومٌ في قلب الإبداع، والأفكار الجديدة بطبيعتها محفوفةٌ بالمخاطر لكنَّها أيضاً محفوفةٌ بالإمكانيات، اسمح لنفسك بالخطأ وجرِّب فكرةً تراها مجنونةً، فالخطأ هنا ليس عدواً بل هو بوابةٌ إلى اكتشاف عالمٍ جديد. 5- التعلُّم العميق مفتاح الإبداع: ففي زمن الفيديوهات القصيرة والمعلومات السريعة أصبح من السهل أن تعرف كلَّ شيءٍ، لكن عند المحك ترى نفسك لا تعرف شيئاً، فالإبداع لا ينشأ من المعرفة السطحيَّة، إنما من الفهم العميق والتأمل في التفاصيل والربط بين المعلومات، اسأل لماذا؟ وماذا لو؟ فالسؤال مفتاح العلم الموصل إلى الإبداع، واقرأ ببطء، وناقش ما تقرأه، ولا تكتفِ بقراءة العناوين والمرور السريع على الأفكار. 6- كن مرناً في تفكيرك: فالإبداع يتطلَّب المرونة، لذا لا تُقيِّد نفسك بنمطٍ معيَّنٍ من التفكير، وتعلَّم أن تكون منفتحاً على الأفكار الجديدة حتى لو كانت بعيدةً عما اعتدتَ عليه، فالإبداع يأتي من المرونة في المزج بين العلم والفن، وبين الخيال والواقع، والعقل المرن هو الوحيد القادر على التوفيق بين هذه العوالم. 7- لا تقطع علاقتك بالطبيعة: مع التطور التكنولوجي أصبحنا نعيش في بيئاتٍ مغلقةٍ، توفر لنا جميع ما نحتاجه وتُسهِّل مهام الحياة، لكن توقف قليلاً وتذكَّر أنك جزءٌ من الطبيعة، وأنَّ ارتباطك بها يُمكن أن يكون له تأثيرٌ كبيرٌ على الإبداع، لذا حاول أن تمضي بعض الوقت في الهواء الطلق، فالاندماج مع الطبيعة يُساعد على تنشيط العقل وزيادة الإلهام. هل ما زال الإبداع ممكناً؟ ما يزال الإبداع ممكناً رغم كلِّ ما نعيشه من ضوضاء وتسارع، وهو اليوم أكثر إلحاحاً من أيِّ وقتٍ مضى، فهو يحافظ على ميزاتنا البشرية، فقد لا نكون بحاجةٍ إلى الهروب من هذا الزمن السريع بقدر ما نحتاج إلى التكيُّف معه بذكاء واختيار اللحظات التي نتوقف فيها وسط زحام الأعمال لننشئ مساحاتٍ صغيرةً للتفكير والتأمل، فالإبداع يعني المرونة الذهنية، والقدرة على التقاط المعاني المميزة في الحياة المتسارعة. هل هناك خطوات أخرى تحفزك على الإبداع؟ شاركنا رأيك.. ودعنا نصغي إلى تجربتك في هذا المجال.

Uncategorized

إيجابيّات الألعاب الإلكترونيّة

إيجابيّات الألعاب الإلكترونيّة هل يمكن للّعب أن يكون أكثر من مجرد تسلية؟  هل تخيّلت يوماً أن العالم الافتراضي قد يُعيد تشكيل مهاراتك، ويُعزّز تعلّمك، ويفتح لك أبواباً لمهن المستقبل؟ لقد تجاوزت الألعاب الإلكترونية وظيفتها الترفيهية لتغدو جزءاً أصيلاً من البنية التعليمية والمهنية الحديثة، حيث أدّى تطوّرها المتسارع إلى تحويلها إلى منصّات غنيّة بالفرص التّعليمية والنّفسيّة والاجتماعية، وبهذا تحوّلت تجربة اللّعب إلى تجربة شاملة تتجاوز المفهوم التّقليدي، ومن هذا المنطلق يتطلّب فهم الإيجابيّات المتعدّدة لهذه الألعاب نظرةً شاملة، وهو ما سيتم استعراضه في هذا المقال. 1 – التفكير والعمل الجماعي: بدايةً، من أبرز إيجابيّات الألعاب الإلكترونيّة قدرتها على تحفيز التّفكير بطريقة إستراتيجية ومحاولة حلّ المشكلات، حيث يُواجه المستخدمون أثناء لعبهم مواقف تتطلّب تقييم عدة خيارات وتحليل المعطيات لاتخاذ القرار المناسب، علاوة على ذلك تُعزّز الألعاب التفاعليّة مفهوم العمل ضمن الجماعة إضافة إلى التّنسيق والتّواصل الفعّال، وذلك من خلال خلق شبكات تواصل افتراضيّة تضم عدة لاعبين من مختلف الثقافات والأماكن، وهذا التواصل يسمح لهم أن يتبادلوا الأفكار والخبرات ويدعم بناء الثقة وتحسين الأداء الجماعي سواء من خلال الكتابة أو المؤثرات الصوتية، وهو أمر يمتد أثره إلى العالم الواقعي. 2- التعلّم والصحة النفسية: ومن جهة أخرى توفّر الألعاب الإلكترونية بيئة تعليمية محفّزة، وبعبارة أوضح تمزج هذه التّطبيقات بين التّعلم والتّسلية لتثبيت المعلومات بشكل أعمق في الذاكرة، وتمثّل هذه الألعاب متنفساً يخفّض من التّوتر والقلق لدى مستخدميها، حيث يُمكن للاعب أن يغوص في عالمٍ افتراضي يُبعده بشكلٍ مؤقّت عن ضغوط واقعه، وهذا الانفصال المؤقت يُعزّز الصحة النفسية ويمنح شعوراً بالتحكّم والراحة، ولا يقتصر أثر الألعاب الإلكترونيّة على الجانب الفكري والنّفسي فحسب، إنما يمتد إلى تطوير مهارات التّنسيق بين اليد والعين، حيث تنمّي الألعاب الحركيّة مثل محاكيات الرياضة ردود الفعل السّريعة والتّناسق بين حركات الجسم، وبالتالي فإن المرضى الذين يحتاجون إلى إعادة تأهيل أو كبار السّن يمكن أن يستفيدوا منها للحفاظ على نشاطهم الحركي. 3- الإبداع والوعي الثقافي: وفي سياق آخر، تعزّز الألعاب الإلكترونيّة الإبداع والابتكار، حيث يمنح تصميم المحتوى الرّقمي مساحة إبداعيّة واسعة للمستخدمين، ويدفعهم للتّفكير خارج الصّندوق وتجربة تقنيات وأفكار جديدة، فمثلاً توفّر بعض الألعاب أدوات لإنشاء خرائط أو مستويات أخرى مخصّصة، وتؤدّي إلى فتح الآفاق أمام قدرات الإبداع الفنّي والبرمجي، كما تُساعد الألعاب الإلكترونيّة على تعزيز الوعي الثّقافي والتّاريخي خصوصاً عندما تُحاكي بعض الحروب التّاريخية أو المدن القديمة، وهذا ما يجذب اللّاعبين لتعلّم المزيد عن تلك الفترات والأماكن، وبالتالي تصبح هذه الألعاب منصّة تعليميّة وترفيهيّة تجمع بين المتعة والمعرفة في آن. 4- الفرص الاقتصادية والمهنية: ومن أهمّ إيجابيّات هذه المنصات أنها تفتح آفاقاً مهنيّة واقتصاديّة واسعة، حيث أصبحت صناعة الألعاب والإنتاج الرّقمي قطاعاً يوفّر آلاف الوظائف في التّصميم والبرمجة والتّسويق الإلكتروني، وقد بدأت بعض الجامعات بإدراج برامج دراسيّة متخصّصة في هذا المجال، وبالتالي، الألعاب الإلكترونية تحوّلت إلى صناعة مؤثّرة تُسهم في تنمية الاقتصاد الرقمي العالمي. ورغم هذه الفوائد العديدة، إلا أنّ الاستخدام المفرط للألعاب قد يؤدّي إلى نتائج سلبيّة، حيث تُوصي أغلب الدّراسات بتنظيم أوقات اللّعب وتحقيق التوازن مع أنشطة أخرى، مثل الرّياضة والقراءة وغيرها، فبينما قد يؤدي الإفراط إلى الإدمان، فالتوازن هو المفتاح لضمان أن تظلّ تجربة اللعب أداةً فعّالة لتنمية الشخصية، لا عبئاً يُعيقها. ختاماً، لا شكّ أنّ إيجابيّات الألعاب الإلكترونيّة تتجاوز حدود التّرفيه لتشمل مجالات التّفكير والصحة النفسية، والتعليم، والاقتصاد، لذلك يجب على الآباء والمعلّمين والمجتمع بشكل عام توجيه هذه الطّاقة نحو الاستخدام الأمثل، وذلك بما يضمن تحقيق توازن صحّي بين التّسلية والتّطوير الشّخصي، بما يُسهم في بناء جيل أكثر وعياً وإبداعاً. شاركنا رأيك أو تجربتك في التعليقات، ودعنا نناقش كيف يمكن أن تكون الألعاب الإلكترونيّة خطوةً نحو تنمية القدرات وبناء جيلٍ أكثر وعياً وتفاعلاً؟!

Uncategorized

الكتابة في زمن التشتت: كيف تحافظ على تركيز القارئ؟

الكتابة في زمن التشتت: كيف تحافظ على تركيز القارئ؟ عمر المطلق (باحث وكاتب محتوى)   فتح التطبيق ليرد على إشعار واحد… بعد أربعين دقيقة، نسي لماذا أمسك الهاتف أصلاً.  هذه ليست مشكلة فردية، هي نمط عصرٍ بأكمله، إنه عصر التشتت. تشير الدراسات إلى أن متوسط تركيز الإنسان لا يتجاوز 8 ثوانٍ، أي أقل من تركيز سمكة ذهبية! في هذا الواقع الجديد، لا يكفي أن تكتب جيداً، يجب أن تكتب بذكاء، فالسطر الأول قد يكون فرصتك الوحيدة. – اللحظة الأولى… طُعم لا يُفوّت: لماذا تقرأ هذا المقال الآن؟  ربما لأن أولى كلماته أثارت انتباهك، وهذا هو جوهر المعركة اليوم، اللحظة الأولى قد تكون اللحظة الوحيدة، فالقارئ المعاصر لا يمنحك رفاهية الشرح المطوّل؛ هو يتنقل بسرعة، يُغلق الصفحة بمجرد أن يشعر بالملل، ويبحث عما يُدهشه أو يُلامسه، وهنا تبدأ مهمة الكاتب: أن يكتب جملة أولى كأنها طوق نجاة. – التبسيط ليس ضعفاً… بل قوة: من منّا يحب التعقيد؟  في زمن الاستهلاك السريع للمحتوى، التبسيط ضرورة لا رفاهية، ولا يعني ذلك السطحية، إنما الوصول إلى عمق الفكرة بأقصر الطرق، وكأنك تُجري حديثاً مشوقاً في مقهى، خذ هذه الجملة مثالاً:  “يعد الاحتراق النفسي نتيجة لتراكم الضغوط المزمنة المرتبطة بمتطلبات الأداء المستمر…”.  جملة صحيحة، لكنها باردة، انظر الآن إلى هذه الصيغة البديلة:  “أحياناً لا تكون متعباً من العمل نفسه، إنما من شعورك بأنك لا يمكنك التوقف، كل الأيام كسابقتها… هذا هو الاحتراق النفسي”. هل تغيّر المعنى؟ لا.  لكن وقع الكلمات اختلف. – احكِ الفكرة… لا تشرحها: القارئ لا يتبع الأفكار بقدر ما يتبع القصص.  القصة تنطق المعنى، وتُجسّده، وتربط الكاتب بالقارئ بخيط من الحياة.  تخيل أنك تريد أن تكتب عن أهمية التنظيم، يمكنك أن تقول: “التنظيم ضروري للنجاح.” جملة صحيحة، لكنها جامدة.  ماذا لو قلت: استيقظ مجدي متأخراً، بحث عن مفاتيحه مدة عشر دقائق، نسي تقديم العرض خلال الاجتماع، وحين عاد مساءً اكتشف أن الإنترنت مقطوع، لأنه نسي دفع الفاتورة…، كل ذلك لأنه لم يكتب شيئاً في مفكرته، في تلك الليلة، كتب أول خطة يومية في حياته، بعد أسبوع، تغيّر كل شيء.  من خلال السرد أصبحت الفكرة مرآة، فالقارئ يرى نفسه، أو يتأمل، أو حتى يضحك. – احترم القارئ… يحترمك بالتركيز:  لا تشرح ما هو بدهي، لا تطِل إن لم تكن كل جملة تستحق الإطالة.  احترم ذكاء القارئ وانشغاله، وامنحه نهاية تستحق الطريق المقطوع.  فكر في أن تختم بجملة تترك أثراً، أو سؤالاً يبقى في ذهنه، أو شعوراً بأنه قرأ شيئاً له معنى. – ختاماً: الكتابة اليوم ليست تجميع كلمات، هي معركة ضد التشتت، والمنتصر من يعرف كيف يحكي ما يعرف في الوقت المناسب.  فهل أنت مستعد لخوض هذه المعركة؟ شاركنا رأيك وتجربتك في التعليقات

Uncategorized

العمل عن بعد… التحديات والفرص

العمل عن بعد… التحديات والفرص تخيّل أنك تستيقظ صباحاً، تتناول قهوتك المفضلة، وتبدأ يوم عملك دون أن تضطر لتحمل زحمة الطرقات أو ارتداء ربطة عنق خانقة، هذا هو سحر العمل عن بعد، نمط حياة تبنته الملايين حول العالم، خاصة بعد أن فرضت الظروف العالمية على كثيرين إعادة التفكير في طريقة عملهم. لكن، هل الأمر مجرد حلم وردي أو أن هناك تحديات تجعل هذا النمط أقل بريقاً مما يبدو؟  في هذا المقال، سنغوص في عالم #العمل -عن-بعد، نستكشف فرصاً مذهلة وتحديات تحتاج إلى ذكاء وحلول مبتكرة.  الفرص– أبواب مفتوحة للإبداع والمرونة: العمل عن بعد يمنحك حرية لا مثيل لها، تخيّل أنك تعمل من مقهى هادئ في حيّك، أو حتى من شرفة تُطلّ على البحر إذا كنت من عشاق السفر، وهذه الحرية أو المرونة تشمل المكان، والوقت.  هل أنت شخص ليلي تعشق الهدوء، وتفضل العمل عندما ينام الجميع؟  العمل عن بعد يتيح لك تنظيم يومك بما يناسب إيقاعك الخاص، ويمكنك الاستفادة من الوقت الذي كان يُهدَر في التنقلات للتركيز على الإنتاجية، أو حتى استغلاله في ممارسة الأنشطة الشخصية التي تمنحك توازناً بين الحياة المهنية والشخصية. علاوة على ذلك، فإن هذا النمط  من العمل يفتح أبواباً للشركات لتوظيف المواهب من أي مكان في العالم، فلم يعد الموقع الجغرافي عائقاً، يمكن لشركة في عمان أن تُوِّظَف مُطوِّرَ برامج من حلب أو مصمم جرافيك من القاهرة، وهذا التنوع يثري بيئة العمل بأفكار جديدة، وبالنسبة للأفراد يعني فرصاً أوسع للعمل مع علامات تجارية عالمية دون الحاجة إلى الهجرة، ومن ناحية أخرى، هناك جانب اقتصادي لا يُستهان به، فالعمل من المنزل يقلِّل من تكاليف التنقل، ووجبات الغداء الباهظة في المطاعم، والملابس الرسمية، وكل هذا التوفير يتراكم ليصبح مبلغاً لا بأس به في نهاية الشهر.  وإذا قررت أن تسافر لبلد ما لن يتأثر عملك، لأنك أصلاً تعمل عن بعد، أما بالنسبة للشركات، فإن تقليل الحاجة إلى مكاتب ضخمة يعني خفض تكاليف الإيجار والمرافق والأجهزة وفواتير الكهرباء والاتصالات، واستثمار هذه الأموال في مجالات أكثر إبداعاً.  – الوجه الآخر للعمل عن بُعد:  العمل عن بعد ليس جنة بلا شوك، ولا يمكننا إغفال أن هذا التحوّل لم يأتِ بلا ثمن، فأول ما يواجهه كثير من العاملين عن بُعد هو #العزلة.  قد يبدو الجلوس في المنزل مُريحاً في البداية، لكنه مع الوقت يولّد شعوراً بالتباعد الاجتماعي والانفصال عن الفريق، وقد تجد نفسك تفتقد الدردشة السريعة مع زملائك بجانب آلة القهوة أو النقاشات العفوية التي تُشعل شرارة الإبداع، هذا الشعور قد يتحول إلى تحدٍ نفسي، خاصة لمن اعتادوا على بيئة عمل تفاعلية، بالإضافة إلى ذلك، هناك مسألة #الانضباط-الذاتي، وهي مهمة للغاية، فعندما تكون في المنزل، محاطاً بالتلفاز، والأطفال، أو بالقرب منك وسادة مريحة تدعوك لأخذ غفوة، إلى جانب العديد من الإغراءات التي لا تنتهي، يصبح التركيز مهارة تتطلب جهداً إضافياً، إذ يصعب على الكثيرين وضع حدود واضحة بين وقت العمل والوقت الشخصي، وهنا يبرز التحدي الحقيقي: كيف تنظِّم وقتك وتحافظ على الإنتاجية دون أن يقف مديرك فوق رأسك؟!  ومن زاوية أخرى، هناك تحديات تقنية، فالاعتماد على الإنترنت يجعلك رهينة لسرعة الاتصال وجودته، لا سيما إذا كنت تعيش في أحد البلدان التي تعاني من بطء شديد في سرعة الإنترنت، تخيَّل أنك في منتصف اجتماع مهمٍ عبر زووم، وفجأة تنقطع الشبكة!  تخيَّل أن العميل ينتظر استلام المهمة منك، وأنت تتأخر عليه لضعف الإنترنت أو انقطاعه! تخيّل شعورك وأنت تعتذر عن استلام مهمة من المدير لبطء الإنترنت في بلدك، وعدم قدرتك على استقبال وإرسال ملفات بأحجام ضخمة!  هذه المشكلات، رغم أنها تبدو بسيطة، ورغم أنك لست سببها إلا أنها قد تؤثر على كفاءتك وسمعة عملك. – كيف تجعل العمل عن بُعد ناجحاً؟ وكيف تتغلب على هذه العقبات وتستفيد من الفرص؟  الإجابة تكمن في التوازن والتخطيط، فلمواجهة العزلة، يمكن تخصيص وقت للتواصل الاجتماعي، سواء عبر لقاءات افتراضية مع الزملاء أو حضور فعاليات مهنية، أما بالنسبة للانضباط، فإن إنشاء مساحة عمل مخصصّة في المنزل، بعيداً عن المشتتات، يمكن أن يصنع فارقاً كبيراً، جرّب وضع جدول يومي واضح، ولا تنسَ أخذ استراحات قصيرة لتجديد طاقتك، أما من الناحية التقنية، فاعتمد على اتصال إنترنت موثوق، وتأكد من اعتمادك على تجهيزات تواكب طبيعة عملك ومتطلباته، كما أن استخدام أدوات إدارة المشاريع مثل “تريلو” أو “أسانا” يساعد في تنظيم المهام وتعزيز التواصل مع الفريق. وبالنسبة للشركات فمن المهم أن تخلق ثقافة ثقة، حيث يُقاس الإنجاز بالنتائج لا بعدد الساعات، وأن توفر دعماً نفسياً وتقنياً يراعي احتياجات الموظفين عن بُعد، وأن تستثمر في بناء هوية مؤسسية مرنة تتجاوز الجدران والمكاتب. باختصار، لا يمكننا إغفال أن العمل عن بعد هو طريقة جديدة لتشكيل حياتنا المهنية، صحيح أن هناك تحديات، لكن الفرص التي يقدمها هذا النمط من العمل تفوق التوقعات إذا تمكنَّا استغلالها، وسواء أكنت موظفاً يبحث عن مرونة أكبر، أم شركة تسعى لجذب أفضل المواهب، فإن مفتاح النجاح يكمن في التكيف والابتكار.  فما رأيك؟ هل أنت مستعد لخوض غمار هذا العالم الجديد؟ شاركنا تجربتك أو أفكارك في التعليقات، ودعنا نناقش كيف يمكن أن يكون العمل عن بعد خطوة نحو مستقبل أكثر إشراقاً؟! د. علي ميمة مسؤول قسم التأليف

Uncategorized

الجملُ فِي الشِّعرِ العَربيّ

الجملُ فِي الشِّعرِ العَربيّ شَكّل الجَمَل عبر تاريخ العرب، أكثر من مجرد وسيلة نقل أو رفيق صحراء؛ فقد كان رمزًا لصورة الإنسان العربي في صراعه مع البيئة، وتحمله، وصبره، وتعلقه بالترحال والحرية، لذا لم يكن من الغريب أن يحتل الجمل مكانة بارزة في الوجدان الشعري العربي، وأن يتكرر حضوره في القصائد بوصفه كائنًا محمّلاً بالمعاني والرموز، يتجاوز دوره الفيزيائي إلى فضاء التأويل والدلالة.  لقد احتفى الشعراء بالجمل في مواطن عدة، كما استعانوا به في تصوير مشاعرهم، والتعبير عن مواقفهم، وقد اختلف هذا الحضور تبعًا لتطور الشعر العربي في عصوره المختلفة، وتبعًا لتحول نظرة الإنسان العربي إلى بيئته ومكوناتها. ويعد الاهتمام بالجمل في ثقافتنا أمرًا مندوبًا إليه شرعًا فقد قال الله عز وجل في محكم تنزيله: [أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ] (الغاشية: 17)، وقد فصل المفسرون في دقة خلقه وصبره وقوته، وكان موضع عناية في الشعر العربي قديمًا وحديثًا. وقد قال أبو السعود في توضيح المراد في الآية الكريمة: “خُلقتْ خلقاً بديعاً معدولاً بهِ عن سُننِ خلقةِ سائرِ أنواعِ الحيواناتِ في عظمِ جثتِها وشدةِ قوتِها وعجيبِ هيأتِها اللائقةِ بتأتِّي ما يصدرُ عنها من الأفاعيل الشاقة…، وفي صبرها على الجو والعطشِ حتى إن أظماءَها لتبلغُ العشرَ فصاعداً واكتفائِها باليسيرِ ورعيها لكلِّ ما يتيسرَ من شوكٍ وشجرٍ وغير ذلك مما لا يكاد يرعاه سائرُ البهائمِ، وفي انقيادِها مع ذلكَ للإنسانِ في الحركةِ والسكونِ والبروكِ والنهوضِ حيثُ يستعملُها في ذلكَ كيفما يشاءُ ويقتادُها بقطارِها كلُّ صغيرٍ وكبيرٍ”1. وهي أكرم الرزق عند العرب في الجاهلية، لذلك خاطبهم بها وذكرهم بأهميتها، وبعد ذلك ازداد حضورها في كلامهم ووصفهم واعتبارهم، فصار شعراؤهم يحملون الإبل من المعاني ما يريد الشاعر أن يعبر عنه ولو عن نفسه، وسيعرض هذا المقال لأبرز المواضع التي تجلى فيها الجمل في الشعر العربي، ولأهم المعاني التي أراد الشعراء أن يوصلوها عبر وصف الجمل، ومخاطبته والحديث معه، وفق الآتي: أ– خطاب الجمل في الشعر العربي: ظهر الجمل مخاطَبًا في شعر العرب في مواقف عديدة، أبرزها في مقامات المحاورة، وذلك عندما يقوم الجمل بالشكوى لصاحبه مما يكلفه أو مما هو مقدمٌ عليه، ويبدو الشاعر في هذه الحال قد وصل إلى مرحلة صعبة من الجهد والإرهاق، فبدل أن يشكو هو، ويظهر الضعف من نفسه يجعل ذلك صادرًا من جمله، وهنا يتماسك الشاعر ويصبر الجمل أو ينهاه عن الشكوى، وذلك من نحو قول الشاعر يُخاطب جمله المشتكي له2: فَإِنَّكَ لَا تَشْكُو إِلَى مُصَمّتِ   فَاصبِرْ عَلَى الحِمْلِ الثَّقِيلِ أَوْ مُتِ وشطره الأول مثلٌ عربيٌّ مشهور، وهو قولهم: تَشْكُو إِلَى غَيْرِ مُصَمِّتٍ، أي إلى من لا يهتمُّ بشأنك3، ومعناه أنك “لَا تَشْكُو إِلَى مصمت أَي إِلَى من يشكيك فيسكتك عَن الشكوى يضْرب لمن يستغيث إِلَى غير مغيث”4. وكأن الشاعر قد عظمت همته إلى درجة أن اشتكى له جمله من هذه الهمة التي قد أتعبتْه، فقال له: لا تشكُ إليَّ ذلك، فإني لن أغيثك من شكواك فهمتي تأبى عليَّ ذلك. وقد يكون الجمل وسيلة خطابٍ بين العشاق، ومن ذلك ما يروى أن عزة صاحبة كثيِّرٍ “هجرت كثيِّرًا وحلفت ألا تكلمه، فلمَّا نفر الناس من منًى ولقيته فحيَّت الجمل ولم تحيه، فأنشأ يقول: حيَّتْكَ عَزَّةُ بَعدَ النَّفرِ وانْصَرَفَتْ   فحِيَّ ويحَكَ مَنْ حيَّاكَ يَا جَمَلُ لَيتَ التَّحيَّةَ كَانَتْ لِي فَأشكُرَهَا   مَكَانَ يَا جَمَلًا حُيِّيتَ يَا رَجُلُ“5 فالجمل في هذه المقطوعة اللطيفة أشبه ما يكون بمرسالٍ بين العاشقين أوصل بينهما التحية والسلام، وحفظ لنا قصة لطيفة جمعت بين الحياء والعفة والحب والشوق، والبر باليمين، فعزة حلفت ألا تكلم كثيِّرًا وقد رأته بعد طول شوقٍ، فعمدت إلى مخاطبة جمَلِهِ، فحيَّتِ الجَمَل وَهيَ تُريدُ صَاحِبَهُ، فانتبَهَ كثيِّرٌ، وخاطب الجمل أيضًا طالبًا منه أن يردَّ التحية وحاسدًا إيَّاه على ما ناله من عطَاء متمنّيًا أن يكون هذا العطاء له. وقريب من ذلك ما رويَ من أنَّ “أخت شرف الدّولة بن حمدان خرجت من بلد قاصدة إلى الموصل في هودج ومعها إماؤها وخدمها، فلقيها الصّيّاد الشّاعر البلدي في بعض الطّريق، فأنشدها: تِهْ كَيفَ شِئتَ وَسِرْ عَلَى مَهَلٍ   كُلُّ الجمَالِ عَلَيكَ يَا جَمَلُ وعَليَّ ألَّا تَشتَكي كَلَلًا   مَا دامَ فوقَك هذِهِ الكلَلُ ألقت إليه جميع ما عليها من الحليّ والحلل، وكان ينيف على ثلاثة آلاف دينار، فلما وصلت إلى الموصل وأخبر شرف الدّولة بذلك عاتبها على فعلها، وقال: الكرم في الرّجال محمود، وفي النّساء مذموم”6. واللفتة هنا في هذه المقطوعة في قوله: (كل الجَمَال عليك يا جمل)، وكأني بالشاعر يقول للجمل بلّغ هذا الشعور، وبلّغ هذا الغزل لمن عليك، فالحياء يمنعني، وهنا يظهر الجمل مخاطبًا حاملًا رسالة عشق من شاعر عاشق لراكبٍ معشوق، وناهيك بذلك من مكانة فلولا الشعور بأن الجمل أهلٌ لأن ينقل رسائل الحب لما كلفوه بهذه المهمات. ب– وصف الجمل في الشعر العربي وتوظيف صفاته في الفخر: لا يخفى أن الشعراء كثيرًا ما يوظفون أوصاف الجمل في التعبير عن المعنى الذي يريدون من التعبير عن الصبر والشجاعة وعظم الهمة، ونحو ذلك، ومن ذلك قول ذي الرمة7:  وَأَعْيَس قَدْ كَلَّفْتُهُ بُعْدَ شُقَّةٍ   تعقَّدَ منهُ أبيضاهُ وحالبهْ متى يُبلني الدهر الذي يرجعُ الفتى   على بدئهِ أو تشتعبني شواعبهْ ركبتُ بهِ عوصاءَ ذاتَ كريهةٍ   وَزَوْرَآء حَتَّى يَعْرِفَ الضَّيْمَ جَانِبُهْ وَأَزوَرَ يمطُو في بلادٍ عريضةٍ   تعاوى به ذؤبانهُ وثعالبهْ والأعيس الجمل الأبيض الذي تشوبه الحمرة، والشقة السفر البعيد، والأبيضان عرقان في البطن، والحالب إذا تعقد فمن الهزال، وتشتعبني أي تجتذبني، وشواعب الدهر حدثانه يعني الموت هنا، ثم يصف أنه قطع عليه كلَّ صحراء قاحلة لا أنيس بها، تعوي فيها الذئاب. ومن وصف الجمل في الشعر العربي قول الشاعر متغنيًا بجمله إلى درجة أنه أنساه أحبته8: تَنَاسَى طِلاب العَامريَّةِ إِذْ نَأتْ   بِأسجَحَ مِرقَالِ الضُّحَى قَلقِ الضّفرِ إذَا مَا أَحسَّتهُ الأفَاعِي تحيَّزَتْ   شُواةُ الأَفاعِي مِنْ مثلمَةٍ سمْرِ تجُوبُ لَه الظَّلماءَ عَينٌ كأنَّهَا   زُجاجَةُ شربٍ غَيرُ مَلأى ولا صِفرِ ترسم الأبيات صورة جمالية للجَمَل من حيث القوة والجاذبية وأناقة المشية التي ألهت الناس عن همومهم، ويصوّر من تعلقوا بـالعامرية –وربما هي فتاة أو مكان محبوب– وقد تناسَوا شوقهم حين ابتعدت، بسبب انشغالهم أو انبهارهم بهذا الجمل الأسجح المِرقال، أي السلس في مشيته، السريع في سيره، ويصور الشاعر أيضاً نعاله أو قوائمه القوية كأنها سيوف مثلمة ذات قطع، وسُمر مدببة أو حديدية)، مقدماً تصويراً بلاغياً يجمع بين الرهبة والقوة، فحتى الأفاعي – وهي رموز الفتك– ترتعد من وقع قدميه، في صورة تعكس الهيبة، وفي البيت الثالث وصف دقيق لعين الجمل، ففي الليل، تقود الجملَ عينٌ لامعة في الظلام، كأنها زجاجة مشروب نصف ممتلئة، تجمع بين الشفافية والضوء، وفي وقوله: (غير ملأى ولا صفر) وصف دقيق، فالعين ليست ممتلئة حتى

Uncategorized

10 أسرار لكتابة محتوى يبقى في ذهن جمهورك

10 أسرار لكتابة محتوى يبقى في ذهن جمهورك في عالمٍ يُنشر فيه آلاف النصوص كل دقيقة، وتتنافس ملايين الكلمات يومياً، تتبادر إلى الذهن أسئلة كثيرة:  كيف تكتب محتوى لا يُنسى؟  كيف يمكن لكلمتك أن تترك أثراً؟ كيف تجعل قارئك يتوقف، ليقرأ، ويتفاعل، وربما يعود إليك لاحقاً بشغف؟  الأمر ليس سحراً أو سراً، وليس مجرد التزام بالقواعد، هو مزيج من الفهم العميق للجمهور، واللمسة الإنسانية، مع بعض التفاصيل الصغيرة التي تصنع الفرق.  أولاً- ابدأ بقوة… أو لا تبدأ: الافتتاحية هي لحظة الحسم، وهي بوابتك إلى قلب القارئ، سطرٌ واحدٌ، قد يُقرر مصير النّص، ويحدد هل سيُكمل القارئ أو يرحل؟  ابدأ بسؤال يُحرّك الفضول، أو بحقيقة صادمة، أو صورة ذهنية آسرة.  مثلاً: “هل تعلم أن الدماغ البشري يتذكّر القصص أكثر بـ22 مرة من المعلومات المجردة؟” ثانياً– اعرف لمن تكتب: الكتابة ليست عرضاً على مسرح فارغ، هي حوار مع عقل وقلب شخص حقيقي، والمحتوى الرائع ليس عاماً، فإذا كنت تكتب للجميع، فلن تصل إلى أحد.   اسأل:  من هو جمهوري؟  ما مشاكله؟  ما اللغة التي تلامسه؟  ما هي تطلعاته؟ كلما اقتربت منه، اقترب منك. ثالثاً– اكتب بجسد وروح:  المحتوى العقلي وحده لا يكفي، أضف العاطفة، لا تكتب كآلة، البشر مبرمجون ليحبوا القصص، قصة بسيطة عن شخص تغلَّب على تحدٍ يمكن أن تكون أقوى من آلاف الكلمات النظرية. لذا اجعل قصصك حية، واستخدم التفاصيل الحسية، واضف الألوان، والأصوات، والمشاعر. أينشتاين يقول: إذا لم تستطع شرح فكرتك لطفل في السادسة، فأنت نفسك لم تفهمها جيداً. رابعاً– اختر عنواناً لا يُقاوَم: العنوان هو بوابة النص، اجعله مثيراً، ومباشراً، ودقيقاً، مثلاً: “5 أفكار ستغيّر طريقة قراءتك”. تذكر أنه حتى لو كان مقالك رائعاً، فلن يُقرأ إن لم يكن العنوان جذاباً. خامساً– استخدم القصة كسلاح سري: القصص تبقى في الذاكرة، بدلاً من تقديم معلومة جافة، قدمها عبر قصة قصيرة، أو موقف حقيقي، أو تجربة شخصية، فالناس لا ينسون القصص… ينسون الأرقام. سادساً– قسّم النص… وسهّل العبور:  نحن نعيش في عصر “التصفح”، لا “القراءة”، لذا قسّم النص بعناوين فرعية، ونقاط بارزة، وفقرات قصيرة، فالنص الجيد ليس فقط ما يُقرأ… إنما ما يمكن التنقل فيه بسهولة. وتذكر أن الكتابة مثل الموسيقى، تحتاج إلى إيقاع، وأن تنويع طول الجمل يخلق تدفقاً طبيعياً، يمكنك استخدام جمل قصيرة للتوتر، وجمل أطول للوصف، وهذا التنوع يحافظ على انتباه القارئ ويمنع الملل. سابعاً– قدّم فائدة واضحة:  لماذا يجب أن يقرأك شخص ما؟  كل فقرة يجب أن تُقدّم فائدة، أو معلومة، أو لحظة إلهام.  إذا لم يكن هناك “مقابل” لوقت القارئ، فلن يمنحك وقتاً ثانياً. لذا قبل كتابة أي جملة، اسأل نفسك: (ما القيمة التي يضيفها هذا السطر؟) فالمحتوى الذي يقدم حلولاً أو يحسّن حياة القارئ هو الأكثر بقاءً في الذاكرة.   ثامناً– كن صادقاً: الجمهور يميز الزيف من أول سطر، لذا كن صريحاً، حتى في نقاط ضعفك، فالمحتوى الصادق يصل، والمصطنع يتبخر. تاسعاً– اختم بما يُحرّك:  لا تجعل الخاتمة مجرد “نهاية”، اجعلها دعوة، تلخيصاً قوياً، أو سؤالاً مفتوحاً يُحفّز التفكير، أو بدعوة واضحة (اطلب من جمهورك التعليق، أو المشاركة).   فما يُقال في النهاية هو غالباً ما يُتذكّر. عاشراً– راجع… ثم راجع… ثم راجع ما كتبت:  قاعدة ذهبية: أفضل النصوص ليست ما يُكتب أول مرة، بل ما يُعاد تهذيبه بذكاء، اقرأ بصوتٍ عالٍ، احذف الزوائد، وقلّل التعقيد، فالكتابة الجيدة تبدأ فعلاً بعد الكتابة.  في الختام:  في بحر المحتوى الغزير، لن ينجو إلا من يكتب بصدق، ويصوغ كلماته بقلبٍ وعقل، ويرى في كل نصٍّ فرصةً لبناء علاقة إنسانية، فليس الهدف أن تُقال الكلمة فقط، إنما أن تبقى.  والآن، جاء دورك:  هل تعتقد أني التزمت بهذه القواعد في إعداد هذه المقالة؟ ما هو السر الذي تعتمد عليه أنت لكتابة محتوى لا يُنسى؟ هل سبق لك أن قرأت نصاً بقي معك طويلاً؟  شاركنا تجربتك.

Scroll to Top